مشكلات الأطفال
للأطفال مشكلات نفسية كثيرة، قد يقف عندها الآباء حائرين، يعانون منها، ويسهرون قلقين إزاءها، ويصرخون من آثارها.
ماذا نفعل لطفلنا العصبي؟ كيف نتعامل معه؟
ابني سرق !... ابني يميل إلي المشاجرة !!.
ابني منطوٍ ... ابني كاذب ... ابني يسأل أسئلة محرجة... إلخ.
ونقطة
الانطلاق للتغلب علي هذه المشكلات أن يكون لدي الأبوين قدرٍ كافٍ من
المعرفة بهذه المشكلات، وأسبابها، ومظاهرها، ومدي خطورتها من عدمه، ووسائل
علاجها، فعلي كل أبوين ألا يتهاونا في معالجة مثل هذه المشكلات؛ لأنها
تحفر بمخالبها في شخصية الطفل، فتمسخها وتطمس فطرتها، وتشوه كمالها.
مشكلة الخوف عند الأطفال
ليس غريبًا أن نخاف !! فالخوف أمر طبيعي يشعر به الإنسان في بعض المواقف التي تهدد حياته بالخطر.
والخوف
الطبيعي المعقول مفيد للإنسان، فإذا كان الفرد منا لا يخاف النار؛ فقد
تحرقه أو تقضي عليه، لكن هناك من الخوف ما هو مَرَضي، بل إن من الخوف ما
هو قاتل !!.. فالخوف المبالَغ فيه والمتكرر لأي سبب يكون خوفًا غير طبيعي.
الخوف:
حالة انفعالية طبيعية يشعر بها الإنسان وكل الكائنات الحية في بعض المواقف
التي يهدده فيها نوع من الخطر. وقد تظهر هذه المخاوف بصورة واضحة في سن
الثالثة من العمر، وتتراوح درجاتها بين: الحذر، والهلع، والرعب.
من أين يأتي الخوف للأطفال؟ هناك بعض الأمور التي تسبب الخوف عند الطفل، ومنها:
- تهديد الأبوين له وتخويفه باستمرار مما يعرضه لمخاوف كثيرة.
-
مشاهدة المناظر العنيفة أو المرعبة، واستماعه إلي القصص المخيفة، وهذا
يبين خطورة قصص الجن والعفاريت، وكذلك أفلام الرعب والقصص البوليسية.
-
فقد الحب والرعاية، حيث تكثر مخاوف الأطفال من فقد أمه أو أبيه، أو فقد
الأمن بهجر والده له، أو انفصال أمه عن أبيه، ومما سيقع عليه من أذى
وكراهية وحرمان.
- الخوف بالعدوى، فحالات الخوف كغيرها من الحالات
الانفعالية تنتقل من فرد إلي آخر بالتأثير، فالكثير من الأمهات يظهرن
الخوف والهلع أمام أطفالهن، مثل خوفهن من الحيوانات الأليفة، فينشأ
أطفالهن علي الخوف من هذه الحيوانات.
- المبالغة في الخوف والقلق من
الآباء علي الأبناء، فإذا رأي الصغير علي وجه أمه الارتباك وشحوب اللون
إذا جرح جرحًا صغيرًا، أو وقع علي الأرض؛ فإنه سيصاب بالذعر والخوف، وبهذا
ينشأ الطفل شديد الخوف علي نفسه.
- البيئة العائلية المليئة بالتهديدات والمشاجرات والخلافات، والتي تزعزع اطمئنان الطفل وتجعله ينشأ علي الخوف.
وأكثر
مخاوف الأطفال شيوعًا تكون من الأشياء المحسوسة؛ مثل الخوف من العسكري أو
الطبيب، بينما المخاوف غير المحسوسة تكون أقل شيوعًا، مثل الخوف من الموت
والعفاريت.. إلخ.
وتلك أمور غالبًا ما يكون السبب في نشوئها لدي الأطفال هم الآباء أنفسهم.
ويخطأ
الأب والأم عندما يُخَوِّفان الطفل من شيء بهدف الضحك والتسلية، فهذه قسوة
لا نظير لها، فما أقبح أن يصرخ الطفل خوفًا، والأب والأم يضحكان من خوفه.
ويمكن تقسيم الأولاد من حيث الخوف إلي:
(1)
أطفال لا يخافون: وهذا أمر نادر للغاية، ويرجع عادة لقلة الإدراك، مثل:
ضعاف العقل، أو الصغير الذي لا يفهم ما حوله. كالذي يمسك الثعبان جهلا، أو
سهوًا، أو من عدم الانتباه.
(2) أطفال يخافون خوفا عاديًّا: قد يكون
الخوف شعورًا طبيعيا يحسه كل من الطفل والبالغ عندما يخاف مما يخاف منه
أغلب من في سنه كالخوف من حيوان مفترس.
(3) أطفال يخافون خوفا
مَرَضِيًّا: وهو خوف شاذ مبالغ فيه ومتكرر أو شبه دائم مما لا يخيف أغلب
من في سن الطفل، وقد يكون وهميّا (Phobia)...إلخ.
علامات الخوف:
في سن الطفل الأولي: فزع علي ملامح الوجه وصراخ.
بعد السنة الثانية: صياح، وهروب، ورعشة، وتغيرات في ملامح الوجه، والكلام المتقطع، وقد يصحبه عرق وتبول لا إرادي.
التعرف علي مدي تأثير الخوف عند الأطفال بمقارنته بدرجة مخاوف الآخرين:
- الخوف من الظلام طبيعي لطفل الثالثة، أما إذا نتج عنه فزع شديد، وفقد الطفل اتزانه، كان خوفا شاذَّا في ضوء التقاليد السائدة.
- مرحلة الحضانة والطفولة المبكرة مرحلة هامة لزرع الشعور بالأمن والطمأنينة.
-
كبح جماح الطفل في التعبير عن الخوف، والضغط عليه لضبط انفعالاته
بالتخويف، يحول دون نموه وجدانيّا نحو حياة غنية بالخبرات، ويؤدي به إلي
الضحالة الانفعالية والانطواء.
- دفع الطفل في المواقف التي تخيفه بهدف مساعدته للتغلب علي الخوف لا يجدي معه، وقد يضره بشدة.
-
الطفل الأكثر ذكاءً في البداية يخاف من أشياء كثيرة بسبب نمو مدركاته
واستطلاعه لما حوله، ومع تقدم السن تقل هذه المخاوف غير المنطقية وهناك
نوع من الخوف يطلق عليه اسم الفوبيا (Phobia) وهذه الفوبيا لها عدة صور
منها:
* الخوف من المجهول.
* الخوف من الفشل.
* الخوف من الموت المرتبط بالتهديد.
وعمومًا الخوف من الأشياء التي لا تمثل تهديدًا حقيقيًا وفعليا للإنسان في الحاضر.
مِمَّ يخاف الأطفال؟
في السنة الأولي: يخاف الطفل من الأصوات العالية الفجائية بصفة أساسية. ومن 2: 5 سنوات: تزداد تأثيرات الخوف بتعدد أنواعها.
والطفل
يخاف من الأماكن الغريبة الشاذة، ويخاف الوقوع من مكان مرتفع، ويخاف
الغرباء، كما يخاف الحيوانات والطيور التي لم يألفها، ويخاف تكرار الخبرات
المؤلمة كالعلاج والعمليات الجراحية مما يخاف منه الكبار في بيئته سواء
كانت مخاوف واقعية أو وهمية أو خرافية، ويخاف الظلام، والدخان المتصاعد من
النار، ويخاف الغول، ويخاف تصديق الأطفال للتهديدات المحيطة مثل: سأذبحك
وسأصل الكهرباء إلي جسمك، العفريت ينتظرك في هذا المكان.
الخوف والثقة
بالنفس: بعض الأطفال يعانون من الخوف مع معظم المواقف، وهؤلاء يعانون من
ضعف الثقة بالنفس، وعدم الشعور بالأمن والطمأنينة، وقد يصاحبها ظهور مخاوف
غير واقعية، وأعراض أخري كعدم القدرة علي الكلام والتهتهة والانطواء
والخجل والاكتئاب والتشاؤم وتوقع الخطر.
أسباب عدم الثقة بالنفس:
(1) التربية الخاطئة في الطفولة الأولي، كالحماية الزائدة، أو التدليل الزائد.
(2) مقارنة الآباء بين طفل وآخر، بهدف التحفيز والتحميس مما يأتي بنتائج عكسية.
(3) النقد والزجر والتوبيخ والضرب.
(4) التنشئة الاعتمادية.. التي لا تدفع الطفل إلي التعرف بمفرده علي مواقف الحياة.
(5) تسلط الآباء وسيطرتهم.
(6) اضطراب الجو العائلي ومنازعات الوالدين.
(7) النقص الجسماني (عرج - حول - طول مفرط - قصر شديد - تشوه - سمنة مفرطة - انخفاض درجة الذكاء- والتأخر الدراسي).
(
النشأة في بيئة تعاني من القلق النفسي والخوف وعدم الثقة.
(9) تكرار الفشل والإخفاق.
الوقاية من الخوف:
(1) إحاطة الطفل بجو من الدفء العاطفي والحنان والمحبة، مع الحزم المعتدل والمرن.
(2)
إذا صادف الطفل ما يخيفه يجب علي الأم ألا تساعده علي النسيان حتى لا تصبح
مخاوف مدفونة، فبالتفهم والطمأنينة وإجابة الأسئلة التي تُحيِّرهُ يستطيع
التخلص من مخاوفه.
(3) تربية روح الاستقلال والاعتماد علي النفس في الطفل.. بالتقدير وعدم السخرية وعدم المقارنة.
(4) توفير جو عائلي هادئ ومستقر يشبع حاجاته النفسية.
(5)
اتزان وهدوء سلوك الآباء (بلا هلع ولا فزع) في المواقف المختلفة خاصة عند
مرضه، أو إصابته بمكروه؛ لتفادي الإيحاء والتقليد والمشاركة.
(6) مساعدته علي مواجهة مواقف الخوف - دون إجبار أو نقد - وتفهمه حقيقة الشيء الذي يخاف منه برقة وحنان.
(7) إبعاده عن مثيرات الخوف (المآتم- الروايات المخيفة- الخرافات- الجن والعفاريت-.. إلخ).
(
عدم الإسراف في حثه علي التدين والسلوك القويم بالتخويف من جهنم والشياطين حتى لا يزيد شعوره بالضيق والخوف.
(9) مساعدته علي معرفة الحياة وتفهم ما يجهل، وبث الأمن والطمأنينة في نفسه.
(10) تنشئته علي ممارسة الخبرات السارة كي يعتاد التعامل بثقة وبلا خوف.
(11) عدم قلق الآباء علي الأبناء، والتقليل من التحذير وعدم المبالغة والاستهزاء والحماية الزائدة.
علاج الخوف:
(1) إزالة خوف الطفل بربط ما يخيفه بانفعال سرور(تطبيق قاعدة الإشتراط تطبيقا عكسيا).
(2) العلاج النفسي بالكشف عن مخاوفه ودوافعها المكبوتة، وتصحيح مفاهيمه.
(3) العلاج الجماعي بتشجيعه علي الاندماج مع الأطفال وتفاعله الاجتماعي السليم.
(4) علاج مخاوف الوالدين وتحسين الجو المنزلي.
(5) تعاون المدرسة مع الآباء في علاج الأطفال وعدم استعمال التخويف والضرب في المدرسة.
(6) علي الأم أن تعلم ولدها دائما الخشية من الله -عز وجل- حتى يرق قلبه، وتصير التقوى صفة لازمة له، قال تعالي:
{وأما
من خاف مقام ربه ونهي النفس عن الهوى. فإن الجنة هي المأوي} [النازعات:
40- 41]. وقال: {ولمن خاف مقام ربه جنتان} [الرحمن: 46]، وتعلمه الخوف من
المعاصي: {قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم} [الأنعام: 15]، ولكن
عليها أن تحذر من الإسراف في تهديد طفلها من التخويف والتهديد بالعذاب
والنار، وتدرك أن خوف الطفل من الله وحده يمنع عنه الخوف مما سواه.
التأخر الدراسي
التأخر
الدراسي مشكلة تربوية اجتماعية يعاني منها التلاميذ، ويشقي بها الآباء في
المنازل، والمعلمون في المدارس، وهي من أهم المشكلات التي تشغل المهتمين
بالتربية والتعليم في العالم؛ لأنها تحدد إمكانيات الدول المادية
والبشرية، ويتضح حجم المشكلة إذا عرفنا أن (20) تلميذًا من بين كل (100)
تلميذ يعانون من هذه المشكلة.
ويقصد بالتأخر الدراسي قلة التحصيل الدراسي للطفل بالمقارنة بمستوي زملائه.
فالطفل
المتأخر دراسيَّا: هو التلميذ الذي يكون مستوي تحصيله دون مستوي نظرائه
ممن هم في مثل سنه، أو يكون مستوي تحصيله أقل من مستوي ذكائه العام.
سمات وخصائص المتأخرين دراسيًا:
أولاً:السمات والخصائص العقلية.
- نقص الذكاء، ويكون أقل من المتوسط.
- عدم القدرة علي التركيز والانتباه، وضعف الذاكرة.
- ضعف التفكير القائم علي الاستنتاج، واضطراب الفهم.
- القدرة المحدودة علي التفكير الابتكاري والتحصيل.
- عدم القدرة علي التفكير المجرد واستخدام الرموز.
- الفشل في الانتقال المنظم من فكرة إلي أخري.
- التحصيل بصفة عامة دون المتوسط، وفي مواد خاصة ضعيف.
ثانيًا: السمات والخصائص الجسمية:
- الإجهاد والتوتر والكسل.
- الحركات العصبية والتوتر.
- ضعف الصحة العامة.
- ضعف الحواس كالسمع والبصر والشم والتذوق.
ثانيًا: السمات والخصائص الانفعالية:
- العاطفة المضطربة والقلق والخمول والبلادة.
- الاكتئاب وعدم الثبات الانفعالي.
- الشعور بالذنب والشعور بالنقص والفشل والعجز واليأس.
- الغيرة والحقد والخجل.
- الاستغراق في أحلام اليقظة وشرود الذهن والعدوان.
- الانسحاب من المواقف الاجتماعية والانطواء.
ثالثًا:السمات والخصائص الشخصية والاجتماعية:
- القدرة المحدودة في توجيه الذات، أو التكيف مع المواقف الجديدة أو المتغيرة.
- الانسحاب من المواقف الاجتماعية، ومن ثم الانطواء والعزلة والسلبية والانحراف.
أسباب التأخر الدراسي:
هناك
أسباب تتعلق بالتأخر الدراسي منها ما يتعلق بالطفل، ومنها ما يتعلق
بالمدرسة أو المنزل، بالإضافة إلي وجود أسباب أخري مساعدة لهذه المشكلة.
أولا: الأسباب التي تتعلق بالطفل:
(1) أسباب عقلية: والمراد منها هو ضعف الذكاء العام للطفل، والذي يعد من أقوي الأسباب في التأخر الدراسي.
(2)
أسباب جسمية: والمراد منها هو اضطرابات النمو الجسمي، وضعف البنية والصحة
العامة، والأمراض الطفيلية المزمنة، واضطرابات إفرازات الغدد، والعاهات
الجسمية كطول البصر وقصره وعمي الألوان، بالإضافة إلي حالات الاضطراب التي
تصيب اللسان وأجهزة الكلام، مما يسبب صعوبة النطق.
(3) أسباب انفعالية: كشدة الحياء، والقلق وعدم الاستقرار.
ثانيًا: الأسباب التي تتعلق بالمدرسة:
- سوء توزيع التلاميذ في الفصول وعدم مراعاة التناسق والتجانس أثناء توزيعهم.
- عدم الانتظام في الدراسة، وذلك بتكرار الغياب والتأخر.
- كثرة تنقلات المعلمين وعدم استقرارهم.
- الإدارة الدكتاتورية والتنظيم السيئ بالمدرسة.
- طريقة التدريس والمناهج التي لا تتمشى مع أهداف التربية الحديثة، وعدم إدراك الفروق الفردية بين التلاميذ.
ثالثا: الأسباب التي تتعلق بالمنزل، ومنها:
- المستوي الاقتصادي الذي يلعب دورًا خطيرًا في عملية التأخر الدراسي أو عدمه.
- المستوي الثقافي كأن يكون الطفل مثلا في بيئة لا تهتم بالتعليم، مع عدم توفر الجو المناسب له عند المذاكرة.
-
الجو المنزلي: والمقصود منه كثرة المشاحنات والخلافات داخل الحياة
المنزلية، أو استبداد الآباء والتفريق بين الأبناء في المعاملة، أو قسوة
زوج الأم أو زوجة الأب، أو التدليل أو الإهمال، أو العقاب المستمر، أو
الابتعاد عن غرس القيم الدينية.
كل هذا يسبب القلق والاضطرابات للطفل مما يؤثر علي حياته، ويكون نتيجة ذلك تأخره الدراسي.
رابعًا: العوامل المساعدة للتأخر الدراسي:
هناك بعض العوامل التي تسهم في تأخر الطفل دراسيًا وذلك:
كفقدان التوازن العاطفي، وانحطاط المستوي الثقافي في المنزل، وعدم المواظبة علي الحضور في المدرسة، والفقر المادي في المنزل.